السبت، 4 أغسطس 2012

وقفات تربوية مع الصائمين "" نسمات رمضانية ""

وقفـــآت تربوية مع الصآئمين ..
 ضمن البرنامج الرمضاني / نسمات رمضانية ..



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن سيدنا محمد عبده و رسوله و صفيه من خلقه و خليله أدى الأمانة و بلغ الرسالة و نصح الأمة فكشف الله به الغمة و جاهد في الله حق جهاده حتى آتاه اليقين، فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبيا عن أمته و رسولا عن دعوته و رسالته و صلي اللهم و سلم و زد و بارك عليه و على آله و أصحابه و أحبابه و أتباعه و على كل من اهتدى بهديه و استن بسنته و اقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد فحيا الله هذه الوجوه المشرقة الطيبة التي أحبها و الله في الله و زكى الله هذه الأنفس الكريمة التي انصهرت معها في بوتقة الحب في الله و شرح الله هذه الصدور العامرة بحب الإسلام و طبتم أيها الإخوة و الأخوات و تبوأتم جميعا من الجنة منزلة و أسأل الله الكريم جل و علا الذي جمعنا في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته و دار مقامته إنه ولي ذلك و القادر عليه.
أحبتي في الله وقفات تربوية مع الصائمين هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذه الليلة الكريمة المباركة و كعادتي حتى لا ينسحب بساط الوقت سريعا من تحت أقدامنا فسوف ينتظم حديثي مع حضراتكم في هذا الموضوع الكريم الجليل في العناصر التالية:
الوقفة الأولىالفرح.
الوقفة الثانيةالفرار.
الوقفة الثالثةالمحاسبة.
الوقفة الرابعةالإنابة.
الوقفة الأخيرةالعمل.
فأعيروني القلوب و الأسماع و الله أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولائك الذين الذين هداهم الله و أولائك هم أولوا الألباب، أولا الفرح:
يتألم كثير من المخلصين الصادقين لواقع هذه الأمة الجريح بصفة عامة و لواقع كثير من الإخوة الملتزمين بصفة خاصة و يتساءل الصادقون المخلصون ما الحل؟ ما السبيل إلى الإصلاح و ما هي الخطوة العملية الأولى على الطريق السوي الصحيح؟ و الجواب في كلمة واحدة نعم إنها كلمة واحدة إنها التربية، ما أحوجنا إلى التربية و المنهج التربوي موجود بين أيدينا فمصادره القرآن و السنة بفهم سلف الأمة و المنهج التربوي الإسلامي الرباني و النبوي يتسم بالتكامل و الشمول و التوازن و الإعتدال و التميز و المفاصلة و لا أريد أن أفصل في هذه الأصول فهي تحتاج إلى محاضرات متكاملة و وسائل التربية كثيرة أعلاها التربية بالقرآن التربية بالسنة التربية بمنهج السلف الصالح التربية بالقدوى التربية بالترغيب التربية بالترهيب التربية بالقصص التربية بالمثل التربية بالموعظة التربية بالحدث فلقد كان النبي صلى الله عليه و آله و سلم يوظف الأحداث المتلاحقة المتتابعة توظيفا تربويا رائعا و هذه فطنة المربي فالداعية الصادق الناجح هو الذي يوظف الأحداث توظيفا عقديا تعبديا تربويا عالي ليطرق على الحديد فإن القلوب و العقول تتشكل مع الأحداث تشكلا سريعا و ها هو شهر الخير و الفضل يهل علينا فليس من الفقه و الحكمة أن نترك محاضرة كهذه يسعدنا فيها حضور هذه الأعداد الغفيرة من إخواننا و أخواتنا ممن يحرصون على الخير و يريدون وجه الله جل و علا دون أن نوظف الحدث القادم توظيفا تربويا لنذكر فيه أنفسنا لعل عيوننا أن تبكي الليلة من خشية الله و لعلنا نعاهد الله سبحانه و تعالى على الأوبة و التوبة و على السير على طريق النبي صلى الله عليه و سلم لنخرج من هذه المتعة الثقافية الذهنية السالمة البارزة لنحول هذا المنهج الرباني و النبوي في حياتنا إلى منهج عملي و واقع حياة فلا شك و الله إن العين و إن القلب و إنا لما يحدث في كل لقاء لمحزنون لمحزنون و الله لو كان هذا المشهد يسعدنا لدعونا الإخوة إليه لكننا ندين الله بأنه مشهد يشرح قلوبنا و يؤلم نفوسنا و يظهر عوراتنا للمسلمين و لغير المسلمين و صورتنا تؤكد و تدل دلالة عملية على أننا لازلنا نحتاج إلى مزيد من التربية و إلى مزيد من التربية و إلى مزيد من التربية فإن الإعجاب السارق و إن الثقافة الذهنية و إن الثقافة الذهنية الباهتة الباردة لم تغير من هذا الواقع المر الأليم شيئا على الإطلاق فما أحوجنا إلى التربية لقد ربى النبي صلى الله عليه و آله و سلم القاعدة الصلبة لهذا الدين ربى أفرادا من أصحابه و على أكتافهم قام النبي صلى الله عليه و آله و سلم ليقيم للإسلام دولة من الفتات المتناثر وسط صحراء تموج بالكفر و الجهل موجا فإذا بناء شامخ لا يطاوله بناء و ذلك في فترة لا تساوي في حساب الزمن شيئا على الإطلاق، هذه أمانة أطوق بها أعناقكم جميعا فمن الأذى أن أعد لكم مثل هذا اللقاء و أن أتعب نفسي أشهد الله لأخرج من هذا اللقاء و قد فتنت و قد فتنت فأنا بشر لا أزعم العصمة و لا أدعي أنني كالصحابة بل أنا لا أساوي نعل في قدم صحابي و قد خاف الصحابة على أنفسهم من مثل هذافكيف تدعي أن هذه المشاهد التي تدمي قلب كل مسلم صادق لا تؤثر في قلب هذا الحقير الفقير كيف يثني الأخ على شيخ من الشيوخ ليقطع رقبته ثم يقولو لو أنيي أعلم يقينا أن الشيخ لا يحب الإطراء لأطريته، و ماذا كنت تصنع آنفا، يا إخوة تعالوا بنا لنتخلى عن هذا المنهج الباهت تعالوا بنا لنرتقي إلى هذا المنهج السوي الصحيح إلى هذا المنهج التربوي ما قيمة الحضور إن لم يورثك العلم الأدب؟ إن لم يورثك العلم الخشية؟ إن لم يورثك العلم تقدير أهل العلم؟ فما أحوجنا إلى التربية و لذا فأنا لا أتحدث الليلة عن الصيام عن هذا الحدث كلام عاديا و إنما أرجو الله أن يوفقني لنوظف جميعا هذا الحدث توظيفا تربويا عاليا و إلا فلقد صمنا قبل ذلك رمضانات عديدة و الواضح أننا ما خرجنا منها بما أراده لنا ربنا و بما سنه لنا نبينا صلى الله عليه و آله و سلم و إلا فأين التقوى؟ هل ما يحدث بعد كل لقاء من تقوى الله و قبل كل لقاء من تقوى و أنا يؤلمني و يؤسفني أن يجلس بين أيديكم رجل من أهل العلم و الفضل لينادي عليكم أكثر من مرة بالصمت و السكينة و الأدب مع الله ثم مع أهل العلم و مع ذلك قد يسمع أحد أحبابنا النداء مرة و مرة و كأنه ما سمع شيء، أين التربية؟ أين التربية يا إخوة؟ أدين الله بأننا لا نغتر بهذا الجمع أبدا و لو اجتمع هذاالجمع كله بعشرات الآلاف كما حكي لي بالثناء علينا و الله ما قربتمونا من الله إن كنا باعدين عن الله و إن اجتمع هذا الجمع بالذم فينا و الله ما أبعدنا عن الله إن كنا قريبين من الله فما أحوجنا إلى أن نتربى على المنهج الذي طالما سمعنا أين المنهج؟ أين المنهج؟ المنهج موجود بين أيدينا قرآن و سنة بفهم سلف الأمة منهج متسم التكامل و الشمول منهج متسم بالتوازن و الإعتدال منهج متسم بالتميز و المفاصلة لأن الذي وضع المنهج هو خالق الإنسان ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير.
الوقفة التربوية الأولى بعد هذه المقدمة التي أسأل الله أن ينفعنا بها، الوقفة التربوية الأولى هي الفرح:
قال تعالى: " قل بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون تصور أنك تريد أن تستقبل بعد يومين غائبا عزيزا عليك كيف يكون الإستعداد لهذا الإستقبال؟ و كيف يكون فرحك بك؟ فرحة المؤمن بإستقباله لربيع أمة محمد لشهر القرآن و الصيام و الإنفاق و الإحسان فرحة المؤمن بإستقباله لهذا الشهر تفوق فرحة المحب الذي يستعد لإستقبال حبيبه و مصدر فرح المؤمن بفضل الله عليه و برحمات الله التي تتوالى عليه في رمضان تترا، "قل بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون الفرح الحقيقي فرح للطعاة فرح لفضل الله عليك ليس فرحا بدنيا زائلة و لا بمال فان و لا بمنصب إلى زوال و إنما الفرح الحقيقي بفضل الله و رحمة الله سبحانه و تعالى و ما أعظمها و ما أكثرها على المؤمنين بصفة عامة و عليهم في رمضان بصفة خاصة، كان النبي صلى الله عليه و آله و سلم إذا دخل رمضان يقول كما في الصحيحين إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة و في لفظ مسلم فتحت أبواب الرحمة و ينادي مناد يا باغي الخير أقبل و يا باغي الشر أقصر و لله عتقاء ن النار و ذلك في كل ليلة حتى ينقضي رمضان و في لفظ الترمذي و ابن حبان و البيهقي و غيرهم بسند حسن من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه و آله و سلم كان إذا أقبل رمضان يقول إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين و مرضت الجن و غلقت أبواب النار فلم بفتح منها باب و فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب و ينادي مناديا باغي الخير أقبل و يا باغي الشر أقصر و لله عتقاء من النار و ذلك كل ليلة "، و في الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه و آله و سلم قال: " قال الله تعالى في الحديث القدسيكل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي لماذا؟ لماذا غختص الله الصوم من بين سائر الأعمال و العبادات؟ أليس التوحيد لله؟ أليست الصلاة لله؟ أليست الزكاة لله؟ أليست العمرة لله؟ أليس الحج لله؟ أليس هذا المجلس لله؟ قد يرائي المسلم بأي عمل من هذه الأعمال قد يرائي بصلاته و قد يرائي بحضوره في مجلس العلم و قد يرائي بعمرته و حجه و قد يرائي بزكاته و إنفاقه و عطائه و إحسانه إلا الصوم إما أن تكون صائما و إما أن تكون مفطرا إذ لا رياء في الصوم لأنك تستطيع أن تنفرد بنفسك و تأكل و تشرب لكن الصوم يرقيك إلى مقام الإحسان و الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك إلا الصوم فإنه لي و أنا أجزي به "، و الصيام جنة أي وقاية وقاية من الشهوات وقاية من النار كما قال أهل العلم فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث " - و الرفث بمعنى الجماع أو بمعنى الفحش من القول - "فلا يرفث و لا يفسق فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم فليذكر نفسه بهذه العبادة الكريمة فليقل إني صائم " - اسمع - " و للصائم فرحتان " " و للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره و إذا لقي ربه فرح بصومه " " و للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره و إذا لقي ربه فرح بصومه نعم تكتمل الفرحة الكبرى و أنت بين يدي الله جل و علا ترى هذا العمل العظيم و هذه العبادة الكريمة ترى الصيام يشفع لك بين يدي الله عز و جل، الصيام و القرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي ربي منعته الطعام و الشهوة فشفعني فيه و يقول القرآن أي ربي منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال صلى الله عليه و آله و سلم فيشفعان فأنا أرجو أن يبحث كل مسلم صادق الآن عن فرحته في قلبه بقدوم هذا الشهر لأن المنافق يشعر بإختناق كل ما أهلت عليه أنفاس رمضان أم المؤمن يشعر بفرح حقيقي يملأ عليه قلبه و وجدانه كل ما أهلت عليه أنفاس رمضان الخاشعةالمنزلة الأولى و الوقفة الأولى هي الفرح و لا أريد أن أطيل النفس مع كل وقفة لكن أذكر و للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره و إذا لقي ربه فرح بصومه ثم قال و الذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " - بضم الخاء أو بفتحها و اللغتان صحيحتان لخُلوف فم الصائم أو لخَلوف أطيب عند الله من ريح المسك لأن هذا الخلوف قد نتج عن طاعة قد نتج عن عبودية لله جل و علا ثم قال و الذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك و للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره و إذا لقي ربه فرح بصومه "، هل تشعر بالفرح؟ الجواب نعم أشعر بالفرح الحقيقي، دلل على صدق فرحك هيا أخطو على الطريق خطوة عملية أولى و هي الوقفة الثانية من هذه الوقفات التربوية ألا و هي الفرار.
الفرارو الفرار نوعان فرار إلى الله و فرار من الله، أما الفرار من الله فهو فرار الأشقياء و أما الفرار إلى الله فهو فرار السعداء، أيها الفار من الله إلى أين؟ أين المفر؟ فأين تذهبون؟ الأرض أرضه و السماء ساؤه و السلطان سلطانه و الملك ملكه لا تخرج من سلطانه جل و علا إلى سلطان غيره و لا من ملكه إلى ملك غير فيا أيها الفار من الله إلى أين؟ لا ملجأ و لا منجا منه إلا إليه و اعلم بأن فرارك من الله جل و علا فزع و اعلم بأن فرارك من الله ألم و اعلم بأن فرارك من الله خوف و رعب و اعلم بأن فرارك من الله ضنك و شقوة و عناء في الدنيا و عذاب في الآخرة فهيا فر إلى الله جل و علا، قال سبحانه ففروا إلى الله و الفرار إلى الله هو فرار السعداء فالفرار إلى الله أمن الفرار إلى الله سعة الفرار إلى الله رزق الفرار إلى الله رحمة الفرار إلى الله مغفرة الفرار إلى الله جبر و غنى ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين و من خاف شيئا هرب منه و من خاف الله هرب إليه، هل تخشى الله؟ اهرب إليه، هل تخاف ربك؟ اهرب إليه، فالهرب إليه أمن الهرب إليه آمان الهرب إليه رحمة الهرب إليه جبر و مغفرة و فضل فيض و كرم و الفرار إلى الله خطوات ليس كلمة يرددها اللسان دخان يطير في الهواء فرار من الجهل إلى العلم قصدا و سعيا و فرار من الكسل إلى العلم عزما و جدا و فرار من الضيق إلى السعة ثقة و رجاءالخطوة الأولى على طريق الفرار أن تفر من الجهل بالله إلى العلم بالله، أن تفر من الجهل بأسمائه الحسنى و صفاته العلا إلى العلم بأسمائه الحسنى و صفاته العلا، أن تفر من الجهل بأوامره و مناهيه و حدوده إلى العلم بذلك، أن تفر من الجهل برسول الله إلى العلم برسول الله، أن تفر من الجهل بدينك إلى العلم بدينك فلا يمكن أن تعرف الله إلا إن تعلمت و لا يمكن أن تعبد عبادة ترضيه إلا إن تعلمت قال تعالى لنبيه فاعلم أنه لا إله إلا الله و استغفر لذنبك و للمؤمنين و المؤمنات قال الحافظ ابن حجر أمر الله نبيه بأمرين فبدأ بالعلم و ثنى بالعلم بدأ بالعلم و قدم العلم على العمل لأن العلم هو المصحح للنية التي يصح بها كل قول و كل عمل "، ما قيمة شهادة الدكتوراة التي حصلتها إن لم تورثك الخشية لله و إن لم تورثك الأدب مع الله و إن لم تورثك حب الطاعة و حب قيام الليل و إن لم تورثك بغض المعصية؟ ما قيمة هذا العلم؟ قال تعالى يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا و هم عن الآخرة هم غافلون قال تعالى بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون "، ما أكثر الجهلاء على وجه الأرض الذين لا يعرفون الله جل و علا، ما أكثر الجهلاء الذين لا يعرفون المصطفى، ما أكثر الجهلاء الذين لا يعرفون حد الله جل و علا و إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله قال تعالى و ما يؤمن أكثرهم بالله إلا و هم مشركون قال تعالى و ما آمن معه إلا قليل قال تعالىو قليل من عبادي الشكور قال تعالى إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و قليل ما هم "، أكثر أهل الأرض جاهل برب السماء و الأرض جاهل بسيد أهل الأرض محمد صلى الله عليه و آله و سلم، الجهل قبل الموت موت لأهله و أجماسهم قبل القبور قبور و أرواحهم في وحشة من جسومهم و ليس لهم قبل النشور نشور، و لله در القائلالناس من جهة الأصل أكفاء أبوهم آدم و الأم حواء نفس كنفس و أرواح مشابهة و أعظم خلقت فيهم و أعضاء فإن يكن لهم من أصل حسب يفاخرون به فالطين و الماء ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم على الهدى لمن استهدى أدلاء و قدر كل امرئ ما كان يحسنه و الجاهلون لأهل العلم أعداء فخذ بعلم تعش حيا به أبدا فالناس موتى و أهل العلم أحياءالفرار من الجهل إلى قصدا و سعيا و العلم إذا قبض بقبض العلماء وقع الناس في الضلال و الضنك و الشقاء ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو أنه صلى الله عليه و آله و سلم قال إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الناس و لكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقى عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا أو رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا و أضلوا ". فما أحوجنا إلى أن نفر إلى الله و الخطوة الأولى على طريق الفرار أن تتعلم قبل أن تتلكم تعلم و قبل أن تتحرك خطوة حركية على الطريق تعلم و إلا فقد تفسد و أنت تريد الإصلاح و قد تضر و أنت تريد النفع، قال ابن القيم و هل أوقع القدرية و المرجئة و الخوارج و المعتزلة و الروافض و سائر طوائف أهل البدع فيما وقعوا فيه إلا سوء الفهم عن الله و رسوله "، و قال ابن القيم إن سوء الفهم عن الله و رسوله أصل كل بدعة و ضلالة نشأت في الإسلام قديما و حديثا "، و قال الشاطبي في كتابه الممتع الإعتصام ) "و لقد زل أقوام بسبب الإعراض عن الدليل و الإعتماد على الرجال فخرجوا بسبب ذلك عن جادة الصحابة و التابعين و اتبعوا أهوائهم بغير علم فضلوا عن سواء السبيل "، و ما أجمل قول علي اعرف الحق تعرف أهله فإن الحق لا يعرف بالرجال و لكن الرجال هم الذين يعرفون بالحق ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق